حياة السود مهمة : سيدة القطار
إنني كسيدة سوداء البشرة أعيش في هولندا The Netherlands، ربما لن يتم قتلي بسبب لون بشرتي، ولكن هذا لا يعني عدم وجود عنصرية في هولندا.
Netherlands, Western Europe
Story by Naomi Beijer. Translated by Ola Salah
Published on December 10, 2022.
This story is also available in
"هل أنتِ بخير هنا؟"
لقد كنت على وشك أن أشك في نفسي حينما سألني المحصل ذلك السؤال. ظاهرياً فإنه قد يبدو ضرورياً أن يسألني مثل هذا الشخص هذا السؤال. فلقد تبادلنا مسبقاً بعض النظرات الخاطفة والنظرة التي أعطاها لي تُنبيء عن أن ذلك الرجل سوف يسألني هذا السؤال. لم أشعر بالارتياح حينما تأكدت شكوكي.
نعم، يمكنني الجلوس هنا، لدي تذكرة سارية بمقاعد الدرجة الأولى. لكن … لماذا تسألني هذا السؤال؟
أنا فقط أتساءل. فأنا لم أستطع أن ألتزم الصمت. ولما علي أن أفعل؟ أعتقد أنني ضبطت محصل القطار وهو يعبر عن تحيزه. سؤاله في حد ذاته لم يبدُ في غاية السوء. ولكن النظرة التي رمقني بها و نبرة صوته والنقاش الذي عقب تلك النظرة جعلني استشيط غضباً!
"حقاً، تجلسين هنا وحدك، هذا غريبُُ جداً!"
لهذه الدرجة غريب أن أجلس هنا؟ ربما لأنني صغيرة للغاية لكي أتواجد في الدرجة الأولى؟ أم لأنني سيدة سوداء؟ هل يمكنك أن تسأل هذا السؤال لرجل أبيض كبير في السن يجلس وحده في نفس المكان؟
"بالفعل، أنا أجلس هنا وحدي. ومع ذلك فأنا لازلت لا أفهم سبب سؤالك لي هذا السؤال."
"إنه يتم استغلالها هذه الأيام."
هل يقول أنه يعتقد أنني قمت باستغلال ذلك؟ أعتقد أن الفرق بين الدرجة الأولى والدرجة الثانية واضح بشكلٍ كافٍ. لقد تعمدت الجلوس هنا بتذكرة صالحة.
"لن أقوم بهذا الفعل أبدًا سيدي. فأنا أعلم جيدًا أن هذه هي مقاعد الدرجة الأولى. لكني أجد تفسيرك في غاية الغرابة. خاصة مع كل ما يدورفي هذا الأسبوع." [1]
ينطلق جهاز الإرسال والإستقبال الخاص به. فيما يبدو أنه سبب وجيه ليتخلص محصل القطار من هذا الحوار. فأنا أرى علامات عدم الارتياح تظهر متجلية في لغة الجسد ومن ثم الإسراع متوجهاً إلى عربة أخرى. وبقيت أفكاري تراودني في الخلفية هل سيأتي لينهي الحديث الدائر بيننا، لكنني رأيته بعد برهة يتفادى النظر إلي. يا لسوء الحظ!
لا تفهمني خطأ. فأنا في العموم أحظى بحياة كريمة، لقد تلقيت قدراً من التعليم، لدي والدتي و صديق لطيف. و لدي وظيفة مناسبة، بشكل عام أنا سعيدة. ولكن مثل هذه المواقف العارضة والبريئة تحدث لي أحياناً كثيرةً. حينما أشتري سكين من محل ما، يفر الناس هاربين مني. عندما أذهب للمسرح يتم تفتيشي مراراً وتكراراً مما يجعلني أضحك في بعض الأحيان.. يطلق على الناس ألقاباً عند محاولة انتقادهم. يتفاجأ الجميع حينما يرونني في المناسبات و التجمعات المهنية، وذلك لأن لي حضور خاص. فأنا لم أُبق فمي مغلقاً ثانيةً. فأنا لست أقل أو أكثر من أي شخص آخر. هذا يكفي. لقد طفح الكيل!
حياة السود مهمة. هذه عبارة غريبة، تعكس الكثير في حقيقة الأمر.
تعكس الفرق، الفرق والتمييز في معاملة الناس. الفرق في كيف أن الحياة تبدو مختلفة تماما لذوات البشرة السمراء عن ذوات البشرة البيضاء. هذه العبارة التي طالما تمنيت ألا أقولها. ولكن الشهر الماضي أحتجت أن أقولها صارخة مدوية. الفرق قد يكون كبير، تماماً كما هو الحال في الولايات المتحدة. ولكن أيضاً بدهاء ومكر، مثلما يحدث هنا في هولندا أحياناً. في هذه الدولة ليس فقط خلال التواصل بين الناس، ولكن أيضاً في أنظمتنا الحكومية. فكر جيداً في التمييز العرقي في إدارة الضرائب والجمارك، ومن الناحية الهيكلية فرص أقل لطلبات العمل و الحصول علي توصيات بمستويات تعليم أقل من قبل المدارس الهولندية.
وبالإضافة إلى كل ماسبق: فالفارق واضح بوعي كان أو دون وعي. التحيز شعور فطري، هكذا ندرك و نميز العالم جيدًا من حولنا، ولكن ليس من الضروري التعبير عنه. فأنا لا أعتقد أن محصل القطار كان مدركاً لمدي تحيزه، لكن فعلته كانت تبرهن على عمق ذلك.
كتبت هذه القصة في الأصل من قبل نعومي باللغة الهولندية.
الحواشي
[1] جرت هذه المحادثة خلال الأسبوع الذي نُظم فيه احتجاج بعنوان "حياة السود مهمة" في أمستردام، والذي تم الحديث عنه كثيرًا خلال ذلك الأسبوع (يونيو 2020). كما كان هناك جدل حول ما إذا كان من الحكمة الاحتجاج على الإطلاق في أوقات كورونا.
How does this story make you feel?
Follow-up
Do you have any questions after reading this story? Do you want to follow-up on what you've just read? Get in touch with our team to learn more! Send an email to [email protected].
Talk about this Story
Please enable cookies to view the comments powered by Disqus.
Subscribe to our Monthly Newsletter
Stay up to date with new stories on Correspondents of the World by subscribing to our monthly newsletter:
Other Stories in عربي
Explore other Topics
Get involved
At Correspondents of the World, we want to contribute to a better understanding of one another in a world that seems to get smaller by the day - but somehow neglects to bring people closer together as well. We think that one of the most frequent reasons for misunderstanding and unnecessarily heated debates is that we don't really understand how each of us is affected differently by global issues.
Our aim is to change that with every personal story we share.
Community Worldwide
Correspondents of the World is not just this website, but also a great community of people from all over the world. While face-to-face meetings are difficult at the moment, our Facebook Community Group is THE place to be to meet other people invested in Correspondents of the World. We are currently running a series of online-tea talks to get to know each other better.